سِفر الطريق الذي يرَى النّيل
"كُنت دايخ
ولّا خايف أقع
ولّا باسأل نفسي لجْل المُر
اللي يتلقّاني بين الرياح
إمتى كان مُمكن يضيق البَراح؟"
فؤاد حدّاد
ولّا خايف أقع
ولّا باسأل نفسي لجْل المُر
اللي يتلقّاني بين الرياح
إمتى كان مُمكن يضيق البَراح؟"
فؤاد حدّاد
كُنت دايخ.. وكُنت خايف أقَع.. وكُنت على الصِراط، وكُنت في بَرزَخ، تنخِلعُ رُوحي وتحلّقُ فوق المشهد، وتتساءل: هل هذا ما كنتِ تحلمين بِه في مثل هذا اليوم؟ هل هذهِ القبضة التي تعتصر القَلب حتّى تحوّله إلى رمادٍ تذروه الرياح، هيَ نفسُ القَبضة التي أمسكَت بيدهِ تعبُر بِه الطريق؟
لطالَما كان بحرُه الأزرَق مِداداً للكلمات، حتّى تحوّل الأمر في بعض اللحظات إلى وَحي لنبيٍّ صَغير، وشُعاع شمسٍ للمشرّدين في الشوارع الباردة، وغلالة ملوّنة تحول بيننا وبين العالم البائس.
لطالَما كان بحرُه الأزرَق مِداداً للكلمات، حتّى تحوّل الأمر في بعض اللحظات إلى وَحي لنبيٍّ صَغير، وشُعاع شمسٍ للمشرّدين في الشوارع الباردة، وغلالة ملوّنة تحول بيننا وبين العالم البائس.
لماذا تبدو الكلمات ثقيلة الآن إذن وبلا معنى؟ كأن كُل هذا التراث من الشِعر والأغاني والكُتب والنظريّات قبضُ ريح، وفجأة.. ينسحب كل ما تعرفه إلى زاوية مُهملة في عقلك، وتخرج أسئلة لا تعرفها بإجابات لا تريد أن تسمعها، ما فائدة كُل العلم الذي نعرفه وكُل الكتب التي قرأتها وكُل المنطق الذي تشدّقت بهِ إذا كانت ستقود لهذهِ الحسرة؟
تتردد بعض الجُمل في أذني، واتساءل في نفسي عمّا تعنيه، هراء كامِل التكوين، وعن السياق الذي قيلت فيه، أسوأ الأيام، كأنه يخجل من ضمّة يدي ف طريقٍ صعب، وانظر إلى الشفتين في أثناء الكلام، وأقول لعلّ قُبلة تُصلح الأمر..
لكنّي تعوّدتُ أن قلباً كقلبي دائماً يندهش وحده، ودائماً ما تُصلح قبلة وكلمة طيّبة أموره، فيما يبدو صعباً جداً على الآخرين أن ينصلحوا من أجله، في كُل مرّة وصلتُ إلى هذا الحائط، وجدت قلبي يصطدم، كأن لا شيء يتغيّر، كأنه لا يوجد جديد أبداً، كأن كُل شيء يتكرر في دورةٍ أبديّة، أليست السعادة كما يقولون رغبةٌ في التكرار؟
لعلّني كُنت أحب، وكُنت سعيدة، وكُنت أعرف جيداً مكاني من البَحر، وكُنت دوماً أحاول أن أحفر نفقاً بيدي العاريتين في الماء المتلاطم، كُنت أريد أكثر وأكثر، وكُنتُ أنتظر، وكُنت أحاول أن أحفظ الروح والقلب في خطوط يديه، ولعل روحي تنفصل عنّي من شدّة قسوته وتعودُ ولو متأخراً، لكأنه يطرق حديداً بمطرقة! من أي جوف جحيمٍ صنع سنديانه؟!
لعلّني كُنت أحب، وكُنت سعيدة، وكُنت أعرف جيداً مكاني من البَحر، وكُنت دوماً أحاول أن أحفر نفقاً بيدي العاريتين في الماء المتلاطم، كُنت أريد أكثر وأكثر، وكُنتُ أنتظر، وكُنت أحاول أن أحفظ الروح والقلب في خطوط يديه، ولعل روحي تنفصل عنّي من شدّة قسوته وتعودُ ولو متأخراً، لكأنه يطرق حديداً بمطرقة! من أي جوف جحيمٍ صنع سنديانه؟!
لعلّني حين اتبعتُ حدسي وصدّقته تسرّعت، لعلّني أتعلّم الرحمة أكثر، ولعلّ الحُزن ينساني قليلاً، ولعل الحِكمة تأتي في صورة مزيد من التفهُّم للضَعف، كيف يكوِّن عقلَك أشباحه الخاصّة ليحرِمَك مُتعة العيش، وليمنعك دائماً من الثورة على قيودِ النّفْس، وليُعيدك دائماً إلى منطقتِك الآمنة وأنماطِك المُعتادة ..ولعلّني أعرفُ في يومٍ ما، أنه ليس كُل من يرسم لنفسِه لوحةً في عينيّ، سيستطيع أن يحافِظ على ألوانها حين تُمطِر..
كُنت أمُرُّ بجوار السيّدة وأنا أفكّر فيهِ كأنَ شيئاً لم يكُن، وأحاول أن أطرد أشباحه السخيفة من رأسي، وأتذكّر ابن عربي وهوَ يقول" الحُب موتٌ صغير".. كأنَّ الحياة توقّفت هنا ..
Comments