كام مَعْلقة سُكّر في كوبايّة الشّاي؟

أتجوّل في الفضاء الفسيح ..و أعود في بعض الأحيان إلي بيته،عندما لا يكون موجوداً..أتمشّي وأشرب القهوة و ينسكبُ بعضها منّي ..أقرأُ الموسيقى و أسمع الشّعر .. و أعود إلي بيتي حيث وجوده الدائم..

صادفتهُ هذه المرّة علي السلالم .. كان يحكي حكاياته ..و أنا كعادتي أسمعُ بشَغَفْ..شغفٌ تستطيع تجزأته و تعبأته في عبوّات صالحة للإستخدام اليومي حتي أموت..
صعدنا سوياً إلي بيته .. أول مرة تطأ قدماي أرضاً مشى عليها أمامي ..بي و بدوني .. كنت أنظر إلي البلاط بشغف أيضاً ..

كم مرة خَطَتْ قدماك علي الطريق ؟ كم مرة حَنَوْت عليه فأنَرْتُه و كم مرة قسَى عليك فأظْلمك؟

كان يتابع الحكاية وهو ينظر لِي ..و أنظُر لُه .. من حين لآخر كان يتوقف ويبتسم .. ثم يسألني بعينيه عن مقدار الفهم ..فأشير بهزّة من رأسي..أريد أن أعبث بسلسلة المفاتيح التي أمامي علي الطاولة بشكل لايمكن مقاومته..في منتصف الحكاية أمد يدي إلي السلسلة..و يضحك..

كم مفتاحاً تحمله لأيُّ عددِ من الأبواب؟ كم مرة انفتح لك بابٌ لم تطرقه ؟ و كم مرة أُغلق في وجهك حتي أدْمَى يداك؟

يقوم إلي المكتبة .. أسير وراءه .. يلتقط ديواناً لشاعر نحبّه .. يسألني أن أختار قصيدة ..أختار واحدة ليقرر أن يقرأ أخرى .. أضحك وأفرح ..صوتُهُ ضمةٌ للقلب لا يظمأ بعدها أبداً ..وصوتُه مددٌ لا يلمسه إلا العارفين..و صوتهٌ روحٌ بعد الرٌوح السابعة.. يجلسني علي ركبتيه فأسند رأسي علي صدره ..و يقرأ..

كم مرة قرأت قصيدة تعرفها؟ وكم مرة حاولت أن تعيد كتابتها؟كم مرة لعنتك القوافي؟ وكم مرة حطّت بسَوْسَنِها عليك؟

يُكمل الحكاية..و أتُوه في الحكاية .. ينسكبُ بعض القهوة منّي .. و يتراكم رماد السجّائر كلّه..و نحبُّ بقيّة الحكاية التي لا نعرفها..
ينْفُضُ رماد السجّائر مع الأيام .. و يحيط خصْري بذراعه في لحظةٍ خاطفة، ويقول : انتظريني في الشُرفة القريبة ..

و أنا .. 

أريدُ أن أمشي علي الطريق..وأن أطرق الأبواب..و أن أسمع الشّعر ..وأن أجلس علي ركبتيه بقيّة عمري ..
أعاكسه و أحتضنه من ظهره دافعةً إياه إلى المطبخ .. تشرب شاي؟
كل هذا..و لم تنتهِ الحكاية ولا يتوقّف الشغف..لازال كثيرٌ ، يجعلني أصنعها لك وأسألك..رغم أنك تجيدُ صناعة الشاي..و تجيدُ يا حُبْ تحلّية الأيام .."عايز كام مَعْلقة سُكّر في كوبايّة الشّاي؟"