هي لاتعرف..

تتهادى في مِشيتها حاملةً كومة الجرائد على رأسِها،تسألُ الجالسين عن حاجتهم من جرائد اليوم أو بقايا طعامهم،أحياناً ماتطلب شربة ماء..تفعل ذلك حين يكون الجالس وسيماً بقدر،ربما تسألهم نقوداً و لكن ليس بنفس الوجه المكشوف و ال"شبَطَة" التي تميّز الآخرين والأٌخريات..من حين لآخر تستبدل بهذه الكومة من الجرائد طفلةً علي كتفها،تجتمع فيها النواقص حتى تبدو من آيات قُدرتِه أن خلق إنساناً يتحمَّل كل هذه الوساخة والمَرَض، تتمخطر بها أمام الرائح والغادي والجالس والواقف..تعرف بعضهم بالاسم،قد تنادي عليهم وتسألهم شيئاً أو آخر..رُبّما تلقي بعض القفشات..أو تُثير عركة صغيرة مع صاحب القهوة، لتكسر الروتين ليس أكثر،أحياناً تتمادي في ذلك حتى تصبح المعارك اللفظية روتين بعض الأيام، هي شخصياً من روتين المكان..بردائها الأسود المعفّر دائماً،و طرحتها التي حال وأوحل لونها،ورائحة مميزة..هي خليط من كل ما تتخيله مع الكثير من رائحة حبر المطابع،و لا أنسى عجيزتها الهائلة التي هي أقل حجماً من كتفيها بمراحل،حتى تساءلت..لم لا تحمِّل الجرائد عليها من باب تخفيف الأحمال على الجسد؟وسيري الربُّ ذلك حسن.
هي تقول له يا أستاذ سيّد..و لا تعرف أن عينيه تسحبان الوعي من ناظرها،ولا تنتبه لنبرة صوته وهوْ يقول "تسلمي لي يا أمُّ سارة" ،فتشعر فجأة بالنُّعاس ،هي أيضاً لا تعرف اسمه الحقيقي، ولا اسماؤه الأُخرى..
هي لا تعرفني..ولا تعرف أنّه رغم السنين التي حالت بيننا ..لازلتُ أبحث عن بحّة صوتها عندما كانت تكلِّمه..ولازالت أبحثُ عن النُّعاس الذي كان يأتي فجأة..عندما كان يُكَلّمُها..

Comments