في قلبِي..
في قلبِي
كونٌ صَغِير، بلادٌ على صِغَر قلبي تتَّسِع، لكُّل التفاصيل اليوميّة وأحاديث
الهاتف الطويلة، للخناقات الصّغيرة، ولأيام الخصام التي تليها، للأغاني القديمة
التي نُحبّها سوياً، وللأفلام القديمة التي يسْخَر من تأثرُّي بأحداثها كأنيّ
أراها لأوَّل مرّة، للصفاء وخُلوَات الهرُوب من البَشر، لأيام الصّمت ونظرات
العيُون المُبتَسمة، ولكُل لحظة في حياتنا سوياً.
لحظاتُ
الصحو الأولى من النوم، حين أفتحُ عينيّ على وجهه أمامي، غالباً ما أستيقظ لأجدُه ينجُز
عملاً سريعاً قبل بداية اليوم العاديّة، لحظاتُ الإقناع بتناول إفطار حقيقيّ،
ولحظاتُ الهروب منّي على السُلّم، حسناً ..هذا سيتغيّر في الواقع..
في قلبي كونٌ صَغِير، تُشرق الشّمس فيه بكلمةٍ منه، وتغرُب بأخرى، أيام الأجازات
تبدأ حين ينظُر في عينيّ طويلاً، ثم يقترب.. وأيام الشقاء تحل حين يُدير ظهرهُ لي
غاضباً، تهتَز الأرض بزلازل نبرة صوتِه العاليَة، مُجرّد التوقُّع لأن نبرة صوتُه
سترتفع بعد قليل، تُصيب جبَال قلبي بالهلَع، فيهرع السُكّان إلى المخابئ، وتُغلق
المحلات أبوابها، وينتشر هدوءٌ مُترقِّب في شوارع القلب، انتظاراً للحظة التي
سيقول فيها "إنتي عملتي كده فعلاً؟"
في قلبي
كونٌ صَغِير، تجرِي الأنهار فيه وتفيض حين يلمسني، وتُمطر الدُّنيا حين ألمسُه،
فتخضّر الأراضي وتُثمر الأشجار وتتفتَّح الورُود، ويندفع الأطفال للِعب في بِرَك
المياه التي تكوَّنت إثْر المطر، وتخرج النساء إلى البلكونات للاستمتاع بحلاوة
الجو، وينزل الرجال إلى مقاهِيهم المُفضلة متقافزين بين بِرَك الماء وطين الشوارع،
وما إن يستقرّوا في أماكنهم، حتى تُمطر عليهم مجدداً، وتفيض أنهار قلبي لتُغرق مُدُنهم
الصغيرة بالخير.
في قلبي
كونٌ صَغِير، تتشعبُ التفاصيل فيه دوماً، وتسِير الأقدار في طُرُقٍ مُلتوية لتَصِل
إلى مُستقرِّها الأخير، قد تكون الظروف قاسِية على أهلهِ أحياناً، لكّن التفاصيل
دائماً ما تتراكمُ في صالِحه، والقَدَر في النهاية عِنْده، والظروف
القاسية..تنتهي..
في قلبي كونٌ صغير، هوَ ربُّه.
Comments