صِناعة يدوَيّة
هوَ لا يصدّقني .. أعرف هذا لأنه أولاً كان يضحك حين أخبره، حين أخبره عنّي أو عن أي شيء .. يضحك أولاً ثم يُفكّر في رد فعل تالي، كأن يستعير جُملة قرأها في الجريدة، أو يُعيد قص حكاية سمعها في سهراته مع الأصدقاء.
كنت أهتف كالمُتظاهرين في الميادين: أنا جميلة لأنك تراني كذلك! هكذا ببسَاطة، كان يضحَك..
وبمرور الأيام .. أصبَح ينُظر لي نظرة عتاب، ثم أصبَحت نظرة العتاب نظرة خاوية، نَظرة عابرة لا تحمل معنى..
وأنا كُنت أكذب.. كنت أكذب باعتياديّة وبسَاطة، أنا جميلة لأنك تراني كذلك.. وهو كان يعرف أنني أكذب.. ربما لهذا أخذَت النظرات الخاوية أيضاً تذوي وتنطفئ رويداً رويداً ..
يديه الخبيثة كانت تعرف الحقيقة، وكانت أصابعه الرقيقة العفيّة، تمتّد إلى شفتيّ لتقلل من التجاعيد حولهما، أصابعه تفرد الجلد الرقيق حول الشفتين، فيما يُعيد الإبهام بعض اللون الأحمر إلى الشفة السُفلى .. تاركاً بقيّة الأصابع لترتاح على الرقبة .. لا مانع من ضَغطة تُقرّبني قليلاً من الكمَال ..
وأنا كُنت أفكر وقتها وأنا أنظُر في عينيه ..كل هذا الجمَال لا يراه.. هوَ فقَط صُنع يدَيه.
Comments