علامةُ الخطَر


أخطأتُ .. ولم يكن الطريق طريق سَفر .. لكني أحببتُ خطئِي كأم تُحِب صغارها مهما بَلغت بشاعتهم.. 
حسناً .. ليس لهذهِ الدرجة .. فخطئي شديد الجمَال حتّى يُسائلك عن البديهيّات بإشارةٍ من إصبعه..

أنا لستُ وحيدةً تماماً .. أعتقد أنك أيضاً كذلك .. هذا البيْن بيْن .. الذي نتفننّ في خلقِه واستبقائه.. كأننّا نخاف من المُطلَقَات .. نخاف من "الوحدة" ونخاف أيضاً من "الصُحبة" .. أخاف أن أبقى معك طوال العمر .. لكني أخاف أن أفقدك تماماً .. هناك لك مساحةٌ آمِنة في الخيال .. آمنةٌ في الذكريات .. أأمن فيها ألا تمد يدَك لتحتضنّي فجأة .. فأفقد بعضاً من رُوحي في امتداد ذِراعيك .. سأفقد رُوحي بالطبع.. أيُّ شديد الجمَال لا يقتل؟ حتى وإن كان قتلاً رحيماً ..

لكني أفتقد هذهِ الضمّة المُفاجئة .. أفتقد انسكاب رُوحي على البلاطات القديمة .. وأفتقد شغفاً بما هوَ أكثَر ..

.. لهذا يا عزيزي نُحب الغرباء على طُرقِ السَفر ... لقد كتب وديع سعادة عن جمال العابرين سريعاً ولم يكن يكذب.. 
الغريب في السَفر يؤتمن على ما بين يديه،في اللحظة الحالية ، في أثناء "هذهِ الضمّة وخلال "تلك" النظرَة فقط .. لا يعِد بالقادم ولا يترك له احتمالاً .. حريصٌ على موقعه بين الذكريات السعيدة، حريصٌ على "ما سيمضي بعد قليل" بالأساس .. يرأف بنا وبنفسِه .. من منّا لا يُحب ضمّة الغريب ونوافذ الوداع مفتوحةٌ على مصراعيها؟ ونظرتُه على سلّم الطائرة .. وتلويحُه باليد على محطّة القطار؟

لم نولد بعد - أو لم نكتسب - الصلابة الكافيَة للقادِم .. لنرَى الخير لقدّام - كما يقول التعبير الشاميّ - نحن في قلب هشاشة الماضي واللحظات التي نتذكّرها لا التِي نعيشها.. ونتفادى بمهارة أن نُجيب على الإختبارات النفسيّة من عيّنة " هل تستطيع أن تفكّر في "
"اللحظة الحاضرة ؟ دون أن تحلم بالمستقبل أو تستدعي مشاهد من الماضي؟

لكنني أستطيع أن أكتب " نحنُ هذه اللحظة الحاضرة" المُستغرقة تماماً في نفسها ..وأستطيع أن أكتب أكثر وأكثر.. وأن أسمع المزيد من الأغاني .. وأقول .. هذهِ هي المساحة الآمنة لنا معاً
لكنني تعبتُ منها هذهِ المرّة .. لا أدري لماذا بالتحديد .. ولا ماهو المختلف هنا .. لكن تطلعاً شديد الخطورة إلى المُستقبل أصاب قلبي .. أليس هذا هو الحُب في لغتنا السريّة؟

نتبادل النظرات ويشتعل جرس الإنذار .. ألمُس شفتيك برفقٍ .. مُغمضة العينين .. لا أرى أمامي..لكن قلبي يهتِف: إلى الأمام! سأحيا هنا!

يبدو أن العالم لم يُقرر بعد أن يكتفِي من الهزائم ..

Internet content

Comments